على ما يبدو أن تهريب العلف أو بشكل أكثر دقة خروج العلف غير المهضوم مع زرق الدجاج اللاحم ذو أسباب متنوعة يصعب حصرها لكن على الأغلب يتم القاء اللوم بالدرجة الأولى على نوعية العلف.حيث يلاحظ وجود حبيبات العلف على الفرشة مع مخاط برتقالي و قد يكون الزرق بألوان مختلفة , إضافة إلى أن الطيور التي تعاني من تهريب العلف تعاني من فقدان التصبغ حيث تصبح لون أرجل الطيور مائلة الى اللون الأبيض بدلاً من اللون الأصفر ذاك اللون الذي يعتبر المؤشر الهام على حيوية وسلامة الأمعاء في الطيور كما يشاهد سوء في معامل التحويل الغذائي ووزن جسم أقل من الطبيعي كما يشاهد اختلاف في تجانس القطيع.
الآفات التشريحية غالباً ما تشاهد في المعدتين الغدية والعضلية لدى الطيور المصابة كذلك توجد الآفات في الأمعاء الدقيقة ومن المهم أن نذكر أنه في البلدان التي تستخدم بدائل للذرة كالأرز مثل غوانا لا نلاحظ ظهور مثل هذه الحالة.
إن الأبحاث المكثفة التي أجريت خلال عام 1996 حول تلك المشكلة ذات الانتشار العالمي قد أخفقت في تحديد أي ذيفان نوعي في الذرة. و لقد ساد اعتقاد و لدرجة كبيرة بأن المرض ينجم عن ذيفان مجهول أو أن الذرة تكون منخفضة القيمة الغذائية . وتختلف شدة المرض والأعراض السريرية تبعاً للخبرة في الإدارة وتداخل الحالة مع أمراض أخرى وطريقة شحن المحاصيل العلفية.و وفقاً لتقارير سابقة فهذه الحالة قد تحصل في بعض المزارع بشكل فردي بينما تحصل في حالات أخرى بشكل جماعي ولم يكن يلاحظ المرض بشكل عالمي فيما سبق.
إن مديري مزارع الدجاج اللاحم ومن خلال خبراتهم الطويلة غالباً ما يلقون باللائمة على نوعية العلف وعلى كل حال فان خطورة هذه المشكلة أدت الى النظر الى الأمور الأخرى التي يحتمل أن تكون ذات صلة.
وفيما يلي شرح مبسط لأهم العوامل التي من الممكن أن تكون مسببة لهذه الحالة المرضية ومن الجدير بالذكر بأن ما سنذكر يمكن أن يضاف له الكثير من المسببات التي يمكن أن يتم تحديدها لاحقاً. كما أن هذه الحالة يمكن أن تنجم عن مسبب واحد أو عدداً من المسببات التي تتداخل مع بعضها.
إن العديد من الأمراض المعدية والتغذوية يمكن لها أن تسبب آفات أولية في الأحشاء فعلى سبيل المثال أنفلونزا الطيور والنيوكاسل ونقص فيتامين ( أ ) والهستوموناس كلها قادرة على إحداث مثل هذه التغيرات. إن النيوكاسل والأنفلونزا يسببان التهاب أمعاء يتصف بنزوفات وتنكرزات كما أن الهستوموناس تترافق مع وجود آفات شديدة في الأعورين بينما نقص فيتامين ( أ ) يحدث آفات في المريء والحوصلة.
ومن الجدير بالذكر أن أغلب الأمراض المعدية تسبب إسهال عرضي مؤقت أوليونة الزرق مع رطوبة زائدة. فخلال الأطوار المبكرة للعديد من الأمراض المعدية مثل التهاب القصبات المعدي أو التهاب الحنجرة والرغامى المعدي أو الرعاش الوبائي … الخ تعاني الطيور من الإسهال ولا يلاحظ وجود أية آفات مرضية في الأحشاء. ومن الواضح أن تلك الأمراض التي ذكرت أعلاه تختلف كلياً عن ظاهرة تهريب العلف الكلاسيكي وتم اعتبار الإسهال فقط كجزء من أعراضها السريرية.
يحدث تهريب العلف نتيجة الخلل في هضم وامتصاص المواد الغذائية. وعلى الرغم من أن الأسباب قد تكون متعددة فان التعبير السريري البسيط في الدجاج اللاحم هو تهريب العلف.
أهم مسببات سوء هظم المكونات العلفية في الدجاج اللاحم
- الإجهاد الحراري: عندما تعاني الطيور من الإجهاد الحراري فإنها تزيد من استهلاك مياه الشرب في محاولة منها لتخفيض درجة حرارتها والكثير من هذه المياه سوف يطرح مع الزرق مما يؤدي الى رطوبة الرزق وبالتالي الى رطوبة الفرشة.
- تناول العليقة المالحة: عندما يزداد استهلاك الملح ستقوم الطيور باستهلاك كمية إضافية زيادة عن الحد الطبيعي من الماء حتى تساهم في طرح الملح الأمر الذي يؤدي الى طرح كمية أكبر من الماء مع الزرق وبالتالي رطوبة الفرشة.من الممكن أن تنجم زيادة الملح عن الخلط الخاطئ للعلف أو نتيجة إهمال مستويات الملح في بعض مكونات العليقة مثل طحين السمك أو إغفال مستويات الملح في مياه الشرب.لذلك إن كانت مياه الشرب غير عذبة ولو بشكل خفيف لابد من أن يؤخذ ذلك بعين الاعتبار عند تركيب العليقة. أثناء موجات الحر من الممكن أن يتم اتخاذ إجراءات لزيادة استهلاك الماء عند الطيور من خلال رفع نسبة الملح في الخلطات العلفية وذلك كوسيلة للسيطرة على الإجهاد الحراري.
- داء الأكريات ( الإصابة بمرض الكوكسيديا ): حيث أن الضرر الذي يلحق ببطانة الأمعاء نتيجة العدوى السريرية أو تحت السريرية للكوكسيديا يمكن أن يسبب مرور المواد الغذائية غير المهضومة عبر الزرق خصوصاً في الطيور اليافعة.و غالباً ما يترافق تهريب العلف مع الكوكسيديا أسرفولينا و ماكسيما لذلك لابد من اتخاذ الإجراءات المناسبة للسيطرة على الكوكسيديا من خلال إضافة مضادات الكوكسيديا العلفية المناسبة.
- الديدان الشريطية أو الأسطوانية:حيث أن الطفيليات الداخلية المعوية يمكن لها أن تخرش على ما يبدو القناة الهضمية مسببة مرور العلف غير المهضوم عبر الزرق.
- العدوى الفيروسية: حيث يوجد عدد من الإصابات الفيروسية تترافق مع تهريب العلف مثل:
- فيروسات الريو ( Reovirus)
- الفيروسات الغدية ( Adenovirus)
- الفيروسات التاجية ( (Corona virus)
- فيروسات البارفو ( Parvovirus)
- فيروسات الانتيرو (Enterovirus )
- فيروسات التوجا (Toga virus وغيرها.)
فعلى مدى طويل اعتبرت فيروسات الريو مسبب فيروسي أولي لتهريب العلف أو ظاهرة سوء الامتصاص (malabsorbtion syndrome ). ولكن الآن أصبح واضحاً بأن هذا النوع من الفيروسات ( الريو ) لا يلعب دوراً واضحاً في مشكلة تهريب العلف في الدجاج اللاحم لكنه يسبب التهاب المفاصل الفيروسي وينصح بالتلقيح للسيطرة عليه.
- العدوى الجرثومية:غالباً ما يحدث التهاب الأمعاء الجرثومي كعدوى ثانوية نتيجة العدوى الفيروسية أو الإصابة بالكوكسيديا. لكن من الأفضل إتباع البرامج الوقائية للسطرة على المشاكل الجرثومية وذلك من خلال استخدام محفزات النمو مثل لينكومايسين بريمكس. إضافة الى السيطرة على عدوى الكوكسيديا والمحافظة على سلامة الجهاز المناعي و اتخاذ إجراءات الأمن الحيوي المناسبة. و من الجدير بالذكر بأن القناة الهضمية هي بمثابة بيت كبير لأعداد كبيرة من الجراثيم النافعة والتي تعتبر ضرورية لعملها الطبيعي لكن من الممكن أن يحدث خلل في توازن هذه الفلورا في ظل الحالات المرضية. كما أنه هنالك عدوى جرثومية نوعية تصيب الجهاز الهضمي مسببة التهاب الأمعاء التنكرزي هي جراثيم الكلوستريديوم بيرفرنجس (C.perfringes). و مثل هذه الجراثيم متواجدة بشكل طبيعي في أحشاء الدواجن لأنها تعتبر جزء من الفلورا الطبيعية لها.
و هناك العديد من العوامل المهيئة التي تساعد على نشاط مثل هذه الجراثيم:
- الضرر الذي يلحق القناة الهضمية من جراء التعرض لعدوى الكوكسيديا
- التعرض لمستويات عالية من المتعضيات في بيئة حظائر الدواجن
- التغيرات في العلائق لاسيما درجات الحموضة واللزوجة
- العلائق ذات الطاقة المرتفعة
- برامج التغذية المقيدة أو المحصورة
- الكثافة الزائدة ضمن الحظيرة
- الرطوبة الزائدة في الفرشة
- التغيرات في الخواص الفيزيائية للعلف ( كتغييره من محبحب الى مجروش أو العكس ) خلال مرحلة النمو
- التغذية على بعض أنواع البروتين الحيواني
ومن الممكن لنا أن نضع تصوراً بسيطاً لحالة التهاب الأمعاء التنكرزي على الشكل الآتي :
إن التعرض لعدوى الكوكسيديا أسرفولينا يحدث ضرراً لظهارة القناة الهضمية الأمر الذي ينعكس سلباً على امتصاص المواد الغذائية حيث ينخفض الى الحد الأدنى كما انه يؤدي الى نمو زائد بشكل أكبر من المعدل للمطثية بيرفرنجس وبالتالي ظهور حالة التهاب الأمعاء التنكرزي.إن تزايد ظهور مثل هذه الحالة أقلق الكثير من المنتجين في قطاع الدواجن.
ولقد ظهر في بعض المناطق أن محتوى الجراثيم في التربة يزيد عن ( 600000 ) بوغة لكل غرام وذلك تحت ظل الظروف المثالية ولذلك لابد من إتباع شروط تعقيم للتربة باستخدام 100غم من الملح لكل 1 متر مربعة حيث تخلط وتترك لمدة 2-3 أيام ثم تستبدل الفرشة ومثل هذا الأجراء يخفض عدد الجراثيم بشكل كبير وقد نحتاج الى إعادة عملية التعقيم مرة ثانية.
- الذيفانات الفطرية: لقد تم التعرف على أكثر من 200 ذيفان في المواد العلفية ومن الأمثلة الشائعة ذيفان الأوكراتوكسين ( آ ) الذي يزيد من هشاشة ظهارة الأمعاء ويقلل مقاومتها. كما أن ذيفان الأفلاتوكسين يسبب الضرر للكبد وانسداد القناة الصفراوية وبالتالي يخفض مستويات الصفراء في الجزء السفلي من الأمعاء الأمر الذي ينجم عنه سوء امتصاص الدهون. ذيفان ترايكوثيسين ( T2 ) يترافق مع آفات في التجويف الفموي والمعدتين العضلية والغدية إضافة الى الأمعاء حيث أن هذا الذيفان كاوي جداً ويسبب حروق كيماوية للمكان الذي يلامسه . إن مصادر التلوث بالذيفانات سببه الرئيسي المواد العلفية المتعفنة أو مستودعات الأعلاف غير النظيفة إضافة الى وسائط النقل الملوثة لذلك فمن المهم أن نثبط نمو العفن في المواد العلفية من خلال شراء مواد علفية ذات جودة عالية ونقوم بتخزينها تحت ظل ظروف مناسبة. من الممكن أن تضاف المثبطات الى المواد العلفية للحد من نمو الأعفان وعلى كل حال فان المواد العلفية ذات المستويات العالية من الذيفانات يجب أن يضاف لها روابط سموم وتخلط مع نوعيات أفضل من المواد العلفية وذلك للحد من الآثار السلبية.
- حمض العفص:المستويات السمية من العفصيات في العلائق تسبب استسقاءات معدية ومريئية ونزوفات وتقرح وتنكرز وانسلاخ مخاطية الأمعاء مع زيادة الإفرازات المخاطية مع تسمك جدار الحوصلة وهذا كله يؤدي الى تهريب العلف. يتواجد حمض العفص في الطبقة الخارجية للحبوب لاسيما بعض أنواع السورجوم ( الشيلم ) علماً أن تواجده في الحبوب ضمن هذه المستويات العالية يخفض من استهلاك الطيور البرية لها خلال فترات الحصاد في الحقل ولكنها بالطبع سوف تسبب رداءة استساغتها وبالتالي رفضها من قبل منتجي الدواجن عندما ترتفع نسبها
- الأمينات الحيوية (Biogenic Amines):هذه المركبات متواجدة بنسب منخفضة في الحيوان والنبات والمتعضيات وتصبح سامة ضمن مستويات أعلى وهي تسبب مشاكل أكثر في الفصول الحارة لاسيما عندما يزداد النمو الجرثومي الذي يؤثر على مستوى الأحماض الأمينية الحرة كذلك البروتين وبالتالي تتأثر الحيوانات. إن الآفات المترافقة مع المستويات السمية تتضمن تضخم المعدة الغدية و تآكل القانصة وانسلاخ ظهارة الأمعاء وبالتالي انخفاض الوزن ومعدل التحويل الغذائي كما أنه يعطل الاستجابة المناعية كما أنه يسبب الاسهالات وتفقد الطيور التصبغ الجيد للأرجل وكما قلنا وزن وتحويل غذائي سيء.
- الجيزيروزين (Gizzerozine): هذا الذيفان ينتج عن المعاملة الزائدة لطحين السمك أثناء عمليات التصنيع والوقاية من مثل هذه الحالة تكون من خلال تقديم علف ذو نوعية جيدة فقط لذلك يتم استبعاد مثل تلك النوعية من طحين السمك.
- الدهون المتزنخة (Rancid fats):وهو من الأسباب الشائعة في تهريب العلف في الدجاج اللاحم خصوصاً في المناخات ذات الحرارة الشديدة حيث تتزنخ الدهون بسرعة كبيرة إذا لم يتم تخزينها بشكل مناسب الأفات تتضمن التهاب المعدة الغدية وتآكل المعدة العضلية والتهاب الأمعاء. إن التأكسد يشمل الدهون الداخلة في تركيب المواد العلفية إضافة الى مركبات الدهون الذوابة حيث ينتج عنها جذور حرة تثبط الاستجابة المناعية وتؤثر على الوزن ومعدلات التحويل الغذائي كما تؤثر على التصبغ وتؤدي الى تآكل المعدة العضلية
- نوعية الماء:يتكون جسم الدجاج اللاحم من 60 % ماء ومن الطبيعي أن تستهلك الطيور كميات كافية من الماء بشكل يتناسب مع احتياجاتها.لكن ضمن الكثير من المنشآت لا يتم التأكد بشكل مناسب من نوعية الماء لذلك فإن استهلاك النوعية غير الجيدة من الماء يسبب تخريش القناة الهضمية وامتصاص غير كافي للمواد الغذائية مما يؤدي الى تهريب العلف بشكل سريع.و لتخفيض مستوى التلوث الجرثومي فمن الضروري أن نقوم بكلورة المياه لذلك فان معدل ( 1-3 ) جزء بالمليون من الكلور الحر ضمن المستويات المستهلكة من الطيور يعتبر أمراً جيداً ويفي بالغرض. وينصح باستخدام نظام الحلمات بقوة لأنها أفضل من نظام المشارب العادية حيث تمنع التلوث لكن لابد من التعقيم الدوري لضمان استمرارية سلامتها.
- نوعية الفرشة:من المحتمل أن تكون الفرشة أول ما يقوم الطير باستهلاكه قبل العلف والماء لذلك لابد أن تكون نوعيتها عالية وخالية من الأجسام الغريبة و جديدة. وعلى الأقل لابد من الاهتمام بفرشة الخضانة خلال الأسبوع الأول حيث أن تناول الفرشة خلال الأسبوع الأول يمكن أن يسبب تخريش وتهييج ظهارة الأمعاء للصيصان الأمر الذي ينجم عنه سوء امتصاص المواد الغذائية .
الخلاصة
إن تحديد سبب نوعي لتهريب العلف هو من الأمور الصعبة كونه هناك مجموعة من العوامل التي تتضافر حتى تؤدي الى ظهور مثل هذه الحالة.و هنا لابد من إجراء العزل الجرثومي وكذلك الفيروسي إضافة الى إجراء الكشف عن الذيفانات وكذلك التأكد من وجود الطفيليات إضافة الى إجراء التشخيص النسيجي لكن كل هذه الإجراءات لا تكون متوفرة في حتى في أضخم المنشآت.
لكن وعلى العموم فان الإدارة السليمة تلعب الدور الأهم في الوقاية من هذه الظاهرة. لذلك بد من أن نبقى متيقظين ونقوم بمتابعة أدق التفاصيل ضمن الحظائر حتى نسيطر ولو بشكل بسيط على مثل هذه الظاهرة.